تعد الأغنية العراقية في تركيبتها الشعرية واللحنية انعكاس للواقع الحياتي للفرد العراقي ، حيث تجتمع فيها الموروثات الشعبية مع الرموز الدينية والطقوس الاجتماعية لتشكل نصاً غنائياً مبني بعضه من تلك المشاهد . ومن بين هذه المشاهد الحياتية الكثيرة وظف الشاعر كاظم الرويعي مشهد ( طبعات كفوف الحنة الموجودة على جدار الامام الحمزة الغربي ) في الأغنية العراقية ، وقد كتب الشاعر كاظم الرويعي نموذجان مميزان في توظيف هذه المشاهد في الغناء العراقي ، ليمنح النص الغنائي بعداً تأويلياً يربط مشاهد الحياة اليومية ( الفلكلورية ) التي كان يشاهدها في الاغنية العراقية . ولد الشاعر كاظم ناصر حسين الرويعي عام 1941 في مدينة ( المدحتية ) المعروفة محلياً بـ ( الحمزة الغربي ) والحمزة الغربي هو حفيد الأمام العباس (ع) . وكما هو الحال في جميع مدن العراق ، فقد امتازت مدينة ( المدحتية ) بطباعة الحنة بواسطة كف اليد على جدار بيت أو مكتب أو مرقد الشخص الذي اعطى أو لبى أو قضى الحاجة . وأنا حينما كنت صغيراً ، اذهب إلى مدينة المدحتية برفقة والدتي لزيارة الأمام والخوال وكنت أشاهد ( طبعات الحنة ) تحيط المرقد من كل جانب ، فالمعروف عن الامام ( الحمزة ) لا يرد أحد ، وهنالك حادثة شهيرة حينما أصيب الرئيس العراقي الأسبق ( احمد حسن البكر ) بمرض عجز الأطباء عن علاجه ، ذهب إلى الأمام ( الحمزة الغربي ) وقد شفي من المرض وحينها أمر بترميم المرقد وتوسعته .
حينما يزور المرء الغريب هذا المرقد تعلق في ذاكرته الكثير من المشاهد الفلكلورية ، فكيف بإبن المدينة ! وهذا ما حصل مع شاعرنا الرويعي الذي عاش كل هذه التفصيلات ، فذكر هذه المشاهد في قصائد غُنيت وهما ( ضوه خدك ) و ( يگلون باجر تمر ) ، ففي اغنية ( ضوه خدك ) التي كتبها الرويعي ولحنها عبد الحسين السماوي وغناها فاضل عواد ، يصف حاله وهو ينتظر المحبوب ويبحث عنه ويتمنى أن يصله خبر من أحد ، وتوعد لمن يأتي له بالخبر بطباعة كفوف الحنة على باب منزله كجزء من رد الجميل ، وقال في النص :
لو بشروني بجيتك النه
عالبوب چفي يطبع الحنه
يا احلى وردة بكل خمايلنه
انته حبيبي وعمري وآمالي .
وفي اغنية ( يگولون باجر تمر ) التي كتبها الرويعي أيضاً ولحنها طالب القره غولي وغنتها الست هناء مهدي ، يصف حاله وهو في وحشة قاسية وقد اتاه خبر بمجئ المحبوب غداً ففز من وحشته وبشّر كل جيرانه بذلك وانه بعد ذلك قد قام بطباعة الحنة على كل جدران جيرانه كتعبير عن الفرح والمسرة التي عاشها ودعى الجيران إلى القيام بالهلال بعد طول انتظار وقال في النص :
يگلون باجر تمر …ضحكة فجر عالليل
يگلون باجر تمر شوگ وقصيده وهيل
يگولون باجر تمر
وجهك طفل وأزهر
وبوجنتك شمس الضحى
وبشفافك العنبر
وفزيت من وحشتي
وبشرت كل ديرتي
وإطبعت حنة فرح بجفوفي عالحيطان
وإندهت ندهة فرح هلهوله ياجيران .
مقالات أخرى للكاتب
لا توجد مقالات أخرى لهذا الكاتب.
الاغنية العراقية عند كاظم الرويعي : طبعات كفوف الحنة على جدران مرقد الإمام الحمزة الغربي أنموذجا
تعد الأغنية العراقية في تركيبتها الشعرية واللحنية انعكاس للواقع الحياتي للفرد العراقي ، حيث تجتمع فيها الموروثات الشعبية مع الرموز الدينية والطقوس الاجتماعية لتشكل نصاً غنائياً مبني بعضه من تلك المشاهد . ومن بين هذه المشاهد الحياتية الكثيرة وظف الشاعر كاظم الرويعي مشهد ( طبعات كفوف الحنة الموجودة على جدار الامام الحمزة الغربي ) في الأغنية العراقية ، وقد كتب الشاعر كاظم الرويعي نموذجان مميزان في توظيف هذه المشاهد في الغناء العراقي ، ليمنح النص الغنائي بعداً تأويلياً يربط مشاهد الحياة اليومية ( الفلكلورية ) التي كان يشاهدها في الاغنية العراقية . ولد الشاعر كاظم ناصر حسين الرويعي عام 1941 في مدينة ( المدحتية ) المعروفة محلياً بـ ( الحمزة الغربي ) والحمزة الغربي هو حفيد الأمام العباس (ع) . وكما هو الحال في جميع مدن العراق ، فقد امتازت مدينة ( المدحتية ) بطباعة الحنة بواسطة كف اليد على جدار بيت أو مكتب أو مرقد الشخص الذي اعطى أو لبى أو قضى الحاجة . وأنا حينما كنت صغيراً ، اذهب إلى مدينة المدحتية برفقة والدتي لزيارة الأمام والخوال وكنت أشاهد ( طبعات الحنة ) تحيط المرقد من كل جانب ، فالمعروف عن الامام ( الحمزة ) لا يرد أحد ، وهنالك حادثة شهيرة حينما أصيب الرئيس العراقي الأسبق ( احمد حسن البكر ) بمرض عجز الأطباء عن علاجه ، ذهب إلى الأمام ( الحمزة الغربي ) وقد شفي من المرض وحينها أمر بترميم المرقد وتوسعته .
حينما يزور المرء الغريب هذا المرقد تعلق في ذاكرته الكثير من المشاهد الفلكلورية ، فكيف بإبن المدينة ! وهذا ما حصل مع شاعرنا الرويعي الذي عاش كل هذه التفصيلات ، فذكر هذه المشاهد في قصائد غُنيت وهما ( ضوه خدك ) و ( يگلون باجر تمر ) ، ففي اغنية ( ضوه خدك ) التي كتبها الرويعي ولحنها عبد الحسين السماوي وغناها فاضل عواد ، يصف حاله وهو ينتظر المحبوب ويبحث عنه ويتمنى أن يصله خبر من أحد ، وتوعد لمن يأتي له بالخبر بطباعة كفوف الحنة على باب منزله كجزء من رد الجميل ، وقال في النص :
لو بشروني بجيتك النه
عالبوب چفي يطبع الحنه
يا احلى وردة بكل خمايلنه
انته حبيبي وعمري وآمالي .
وفي اغنية ( يگولون باجر تمر ) التي كتبها الرويعي أيضاً ولحنها طالب القره غولي وغنتها الست هناء مهدي ، يصف حاله وهو في وحشة قاسية وقد اتاه خبر بمجئ المحبوب غداً ففز من وحشته وبشّر كل جيرانه بذلك وانه بعد ذلك قد قام بطباعة الحنة على كل جدران جيرانه كتعبير عن الفرح والمسرة التي عاشها ودعى الجيران إلى القيام بالهلال بعد طول انتظار وقال في النص :
يگلون باجر تمر …ضحكة فجر عالليل
يگلون باجر تمر شوگ وقصيده وهيل
يگولون باجر تمر
وجهك طفل وأزهر
وبوجنتك شمس الضحى
وبشفافك العنبر
وفزيت من وحشتي
وبشرت كل ديرتي
وإطبعت حنة فرح بجفوفي عالحيطان
وإندهت ندهة فرح هلهوله ياجيران .
التعليقات