من أجلِ أن نحيا

صورة الكاتب
بقلم: السید حسن عبد ربه
التاريخ: 15 نوفمبر 2025 عدد المشاهدات: 247
من أجلِ أن نحيا

من أجلِ نفسِكِ،

ليسَ لأنَّ الشَّمسَ تَسكُنُ فوقَ النَّوافِذِ،

بل لأنَّ ضَوءَها يَسقُطُ على يَدَيْكِ،

فَيَصيرُ نُورًا يَتَكَلَّمْ.

من أجلِ رَغيفٍ صَغيرٍ

يُقسَمُ بَينَكَ وَبَينَ مُحِبِّيكَ،

دونَ أن يَتَقَزَّمْ.

من أجلِ قَهوَةٍ تَغلي في صَمتِ الانتِظارِ،

ورائحَةِ خُبزٍ تَصعَدُ مِن مَوقِدِ الأُمَّهاتِ،

بِشُموخِها المُعَظَّمْ.

من أجلِ طِفلٍ يُلَوِّحُ بِعَصًا،

يَظُنُّها سَيفًا،

ويَكتُبُ على الرَّملِ:

سَنَرجِعْ، مَهْما الأَمواجُ عانَدَتنا،

ومَهْما الأَمرُ تَأَزَّمْ.

من أجلِ قَطرَةِ نَدىً

تَنحدِرُ على وَرَقَةٍ خَجولَةٍ في الصَّباحِ،

بِالبَقاءِ تَتَرَنَّمْ.

ومِن أجلِ نَحلَةٍ تَلُمُّ رُوحَ الزَّهرِ،

وتَعودُ بِالعَسَلِ إلى خَلِيَّتِها

كأنَّهُ الوَطَنُ في روحِها مُجَثَّمْ.

من أجلِ مَنزِلٍ صَغيرٍ في زاوِيَةِ القَلبِ،

تُشعِلِينَ فيهِ لَيلَ الحَنينِ،

فَلا يَعودُ مُظلِمْ.

وتَضَعينَ على شُبَّاكِهِ وَردَةً تَنبُتُ مِن جَديدٍ،

قِصَّةَ عِشقٍ مُلهِمْ.

من أجلِ تِلكَ اللَّحظَةِ الواحِدَةِ

الَّتي يَتَنَفَّسُ فيها الإنسانُ

كأنَّهُ وُلِدَ الآنَ، بَعدَما تَهَدَّمْ. ـــ نَحيا قَلبًا واحِدًا —

قَلبًا يَمتَدُّ كَجِسرٍ،

ويَعبُرُ كَطِفلٍ في المَطَرِ،

يَضحَكُ لا يَتَلَعثَمْ. عَيناكِ —

نَبعانِ يُغرِقانِ العَطَشَ،

في نَهرٍ مِنَ الرُّواءِ المُفعَمْ. ونَهدَاكِ —

فَجرانِ يَنبُتانِ في الظُّلمَةِ،

أَنجُمٌ مِن شَغَفٍ مُتَنَعِّمْ.

أُريدُكِ إنسانَةً،

تَخافُ عَلَيَّ، تَ

ضَعُ يَدَها في يَدي،

فَلا أَتَعَثَّرْ ولا أُصدَمْ.

فَيَكتَمِلُ اليَومُ،

والعُمرُ على ما بَلاهُ يَتَنَدَّمْ. ـــ

لَم تَمتَدَّ إِلَيَّ يَدُ القَدَرِ

، ما أَنقَذَني قَدَرٌ رَحيمٌ،

ولِلآنَ مِنهُ لَم أَسلَمْ.

ولا مَسَّني دِفءُ حُبِّكِ المُنهَكِ،

ولا ظِلُّ جَنَّتِكِ الَّتي أَفلَتْ مِنكِ،

وَوَهَبَني لِنارٍ

كِدتُ فيها أَتَحَطَّمْ.

أَنتِ لَم تَكوني مِرآتي،

ولا نَبضي،

لَكِنَّكِ كُنتِ صَدى الحَياةِ في دَمي،

وصَرخَةً لَها أَتَكَتَّمْ.

فَإِذا ما افترَقنا،

سَيَبقَى على الأَرضِ

ما يَستَحِقُّ الحَياةَ:

ظِلٌّ، ورُوحٌ، وقَطرَةُ نَدىً،

في الحَياةِ تَتَوَسَّمْ.

واِسمانِ كانا يَتَنادَيانِ في اللَّيلِ،

كَنَبضِ كَونٍ بِالأَريجِ يَتَنَسَّمْ.

عن الکاتب / الکاتبة

السید حسن عبد ربه
السید حسن عبد ربه
شاعر / مصر

مقالات أخرى للكاتب

لا توجد مقالات أخرى لهذا الكاتب.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


من أجلِ أن نحيا

بقلم: السید حسن عبد ربه | التاريخ: 15 نوفمبر 2025

التصنيف: الشعر

من أجلِ نفسِكِ،

ليسَ لأنَّ الشَّمسَ تَسكُنُ فوقَ النَّوافِذِ،

بل لأنَّ ضَوءَها يَسقُطُ على يَدَيْكِ،

فَيَصيرُ نُورًا يَتَكَلَّمْ.

من أجلِ رَغيفٍ صَغيرٍ

يُقسَمُ بَينَكَ وَبَينَ مُحِبِّيكَ،

دونَ أن يَتَقَزَّمْ.

من أجلِ قَهوَةٍ تَغلي في صَمتِ الانتِظارِ،

ورائحَةِ خُبزٍ تَصعَدُ مِن مَوقِدِ الأُمَّهاتِ،

بِشُموخِها المُعَظَّمْ.

من أجلِ طِفلٍ يُلَوِّحُ بِعَصًا،

يَظُنُّها سَيفًا،

ويَكتُبُ على الرَّملِ:

سَنَرجِعْ، مَهْما الأَمواجُ عانَدَتنا،

ومَهْما الأَمرُ تَأَزَّمْ.

من أجلِ قَطرَةِ نَدىً

تَنحدِرُ على وَرَقَةٍ خَجولَةٍ في الصَّباحِ،

بِالبَقاءِ تَتَرَنَّمْ.

ومِن أجلِ نَحلَةٍ تَلُمُّ رُوحَ الزَّهرِ،

وتَعودُ بِالعَسَلِ إلى خَلِيَّتِها

كأنَّهُ الوَطَنُ في روحِها مُجَثَّمْ.

من أجلِ مَنزِلٍ صَغيرٍ في زاوِيَةِ القَلبِ،

تُشعِلِينَ فيهِ لَيلَ الحَنينِ،

فَلا يَعودُ مُظلِمْ.

وتَضَعينَ على شُبَّاكِهِ وَردَةً تَنبُتُ مِن جَديدٍ،

قِصَّةَ عِشقٍ مُلهِمْ.

من أجلِ تِلكَ اللَّحظَةِ الواحِدَةِ

الَّتي يَتَنَفَّسُ فيها الإنسانُ

كأنَّهُ وُلِدَ الآنَ، بَعدَما تَهَدَّمْ. ـــ نَحيا قَلبًا واحِدًا —

قَلبًا يَمتَدُّ كَجِسرٍ،

ويَعبُرُ كَطِفلٍ في المَطَرِ،

يَضحَكُ لا يَتَلَعثَمْ. عَيناكِ —

نَبعانِ يُغرِقانِ العَطَشَ،

في نَهرٍ مِنَ الرُّواءِ المُفعَمْ. ونَهدَاكِ —

فَجرانِ يَنبُتانِ في الظُّلمَةِ،

أَنجُمٌ مِن شَغَفٍ مُتَنَعِّمْ.

أُريدُكِ إنسانَةً،

تَخافُ عَلَيَّ، تَ

ضَعُ يَدَها في يَدي،

فَلا أَتَعَثَّرْ ولا أُصدَمْ.

فَيَكتَمِلُ اليَومُ،

والعُمرُ على ما بَلاهُ يَتَنَدَّمْ. ـــ

لَم تَمتَدَّ إِلَيَّ يَدُ القَدَرِ

، ما أَنقَذَني قَدَرٌ رَحيمٌ،

ولِلآنَ مِنهُ لَم أَسلَمْ.

ولا مَسَّني دِفءُ حُبِّكِ المُنهَكِ،

ولا ظِلُّ جَنَّتِكِ الَّتي أَفلَتْ مِنكِ،

وَوَهَبَني لِنارٍ

كِدتُ فيها أَتَحَطَّمْ.

أَنتِ لَم تَكوني مِرآتي،

ولا نَبضي،

لَكِنَّكِ كُنتِ صَدى الحَياةِ في دَمي،

وصَرخَةً لَها أَتَكَتَّمْ.

فَإِذا ما افترَقنا،

سَيَبقَى على الأَرضِ

ما يَستَحِقُّ الحَياةَ:

ظِلٌّ، ورُوحٌ، وقَطرَةُ نَدىً،

في الحَياةِ تَتَوَسَّمْ.

واِسمانِ كانا يَتَنادَيانِ في اللَّيلِ،

كَنَبضِ كَونٍ بِالأَريجِ يَتَنَسَّمْ.