بعضُ العطورِ عكّاز،
تتوكأُ عليهِ المسافاتُ كي لا تسقط،
وحينَ تمرّ نسمةٌ حائرة،
تتعثرُ برائحةٍ تشبهُ وجهًا منسيًّا،
فتتجمّدُ اللحظةُ كأنها تذكّرت نفسها.
وأحيانًا،
يضعُ الغيابُ رائحتهُ في أعيننا،
فنرى أكثرَ ممّا ينبغي،
نرى ما لا يجبُ أن يُرى،
كأنّ الحنينَ مرآةٌ بلا زجاج،
تنعكسُ فيها خطواتُ الذينَ عبروا دون صوت.
لذلكَ،
يُصابُ المحبّونَ بالعمى،
عمًى من نورٍ بعيد،
يمسحُ الملامحَ كما يمحو الماءُ أثرَ الطين،
ويتركُ على الأصابعِ رطوبةَ الأسئلة.
حينَ الفقد،
تتدلّى القمصانُ في صمتٍ،
كأنّها أجسادٌ فقدتْ أسماءها،
وتصير لها أجنحة من فوح
تعلو ببطءٍ،
تدورُ حولَ المصابيح،
تجرّ خلفها ظلًّا من رائحةٍ قديمة،
كأنّ الضوءَ نفسُهُ يحاولُ أن يتذكّر.
ولا أحدَ يفتحُ النافذة،
لكنّ الهواءَ يجيءُ محمّلًا بالغياب،
ينقرُ الزجاجَ كطائرٍ يعرفُ البيتَ
ولا يعرفُ الطريقَ إليه.
وتبقى الأسماء
كنافذةٍ من عطر لم تُغلق،
تدخلُ منها أرواحٌ صغيرةٌ،
تفتّشُ عن دفءٍ
نسيَ اسمَه،
وعن يدٍ
كانتْ تمرّ بشَعرِ المساءِ
وتعدُّ النجومَ كما تُعدُّ الذكريات.
الحسيني أحمد ٢٠٢٥
مقالات أخرى للكاتب
لا توجد مقالات أخرى لهذا الكاتب.
“أسماءٌ تُشمّ”
بعضُ العطورِ عكّاز،
تتوكأُ عليهِ المسافاتُ كي لا تسقط،
وحينَ تمرّ نسمةٌ حائرة،
تتعثرُ برائحةٍ تشبهُ وجهًا منسيًّا،
فتتجمّدُ اللحظةُ كأنها تذكّرت نفسها.
وأحيانًا،
يضعُ الغيابُ رائحتهُ في أعيننا،
فنرى أكثرَ ممّا ينبغي،
نرى ما لا يجبُ أن يُرى،
كأنّ الحنينَ مرآةٌ بلا زجاج،
تنعكسُ فيها خطواتُ الذينَ عبروا دون صوت.
لذلكَ،
يُصابُ المحبّونَ بالعمى،
عمًى من نورٍ بعيد،
يمسحُ الملامحَ كما يمحو الماءُ أثرَ الطين،
ويتركُ على الأصابعِ رطوبةَ الأسئلة.
حينَ الفقد،
تتدلّى القمصانُ في صمتٍ،
كأنّها أجسادٌ فقدتْ أسماءها،
وتصير لها أجنحة من فوح
تعلو ببطءٍ،
تدورُ حولَ المصابيح،
تجرّ خلفها ظلًّا من رائحةٍ قديمة،
كأنّ الضوءَ نفسُهُ يحاولُ أن يتذكّر.
ولا أحدَ يفتحُ النافذة،
لكنّ الهواءَ يجيءُ محمّلًا بالغياب،
ينقرُ الزجاجَ كطائرٍ يعرفُ البيتَ
ولا يعرفُ الطريقَ إليه.
وتبقى الأسماء
كنافذةٍ من عطر لم تُغلق،
تدخلُ منها أرواحٌ صغيرةٌ،
تفتّشُ عن دفءٍ
نسيَ اسمَه،
وعن يدٍ
كانتْ تمرّ بشَعرِ المساءِ
وتعدُّ النجومَ كما تُعدُّ الذكريات.
الحسيني أحمد ٢٠٢٥
التعليقات